فضاء حر

ما السر وراء ضغوط حلفاء “هادي” لتسليمه رئاسة المؤتمر الشعبي العام؟

يمنات
المعلن من المبررات هو “استكمال نقل السلطة” إذ أن “صالح” لم يخرج من السلطة كليا بما أنه لا يزال رئيسا للمؤتمر، الشريك بنصف حكومة الوفاق، كما يقول شركاء النصف الآخر.
ولكن لدي هذا التحليل الذي يقوم على معطيات قوية، وقد يكون صائبا أو لا يكون:
“هادي” ليس حريصا على “رئاسة” المؤتمر كي يحكم بالمؤتمر، فمنذ أول يوم له في رئاسة البلاد وهو يعتمد كليا على تحالفه، الذي وثقه ويوثقه كل يوم، مع خصوم، أو منافسي، المؤتمر، أي “الإصلاح” وتحالفات الإصلاح القبلية والعسكرية.
إنه (هادي) يمكن هذا التحالف من كل شيء في أجهزة الدولة المدنية والعسكرية والأمنية، ويعزز بكل طريقة من إمضاء وفرض كل الخيارات السياسية لهذا التحالف. وبالمقابل اتخذ منذ البداية أشكالا من المواقف العدائية تجاه المؤتمر، بما هو مؤتمر، قيادات وكوادر، وليس بما هو “صالح”. وحافظ في أغلب مناطق الافتراق السياسي على خذلان موقف حزبه لمصلحة الطرف الآخر.
وكلما مر وقت ابتعد هادي عن المؤتمر أكثر، وراكم ضغينة وسخطا ضده لدى كل المستويات القيادية والقاعدية.
فكيف يمكن أن يكون هذا هو سلوك و أداء هادي لو كان يدخر المؤتمر بالفعل ليكون دعامة حكمه، أو على الأقل إحدى دعامات حكمه؟
إن المطلوب، باختصار، هو أن يتسلم هادي المؤتمر الشعبي ليبدأ بتفكيك المؤتمر الشعبي، وإضعافه، وصولا إلى إنهائه كتيار سياسي بالغ النفوذ.
لا تأثير هنا لنظرية “مؤامرة” من نوع ما، بل هي فرضية مضمونها أن المطلوب لقوى التأثير والنفوذ اليوم إسقاط أي حالة “توازن سياسي” قائمة في البلد، كشرط لاستكمال هيمنتها على الدولة والمجتمع معا.
والعقبة المتبقية، في هذا الطريق، هو المؤتمر الشعبي، الذي ورغم الضعف الذي يمر به إلا أنه يشكل، إضافة لقوى أخرى، حالة توازن كبرى مقابل لتيار الإخوان وقبائله وعسكره. هذا التوازن السياسي الذي تحتاجه البلاد بشدة كبوابة آمنة إلى استقرار مستقبلها، بدونه كل شيء سيختل بطريقة فادحة.
لقد كان دور “هادي”، بنظري، من اللحظة الأولى هو ضرب كل التوازنات أمام تيار محسن والإصلاح وملحقاتهما، وهذا فقط يفسر لماذا عمد، هو وهم، إلى ذلك التدمير الفادح ل”الحرس الجمهوري” كوحدة عسكرية نوعية كان يمكن الاكتفاء بعزل نجل صالح وطاقمه من قيادتها والاحتفاظ بها بما أنها ملك للوطن وليس لصالح وأبنائه، غير أن المطلوب كان اجتثاث كل احتمال للتوازن، داخل الجيش، بواسطة هذه القوة عبر اجتثاثها كاملة، وهكذا فقط يصبح الجيش ميدانا خاليا أمام قوى التفرد الجديدة/ القديمة.
ماحدث ل”الحرس” يوشك أن يحدث ل”المؤتمر”.
وللتثبت أكثر من رجاحة ما أقوله، القوا نظرة على العملية الجارية بقدم وساق للقضاء على بقية “التوازنات”: شرذمة الحراك مثلا وهي عملية يقودها هادي شخصيا، وأيضا استمرار إقصاء كل القيادات مثل ناصر والعطاس ودمغ البيض ببيان دولي، ووصولا إلى إغراق تيار “الحوثي” في مستنقع معارك منهكة.
وإذن: خارطة سياسية بلا مؤتمر، بلا حراك جنوبي أو تيارات جنوبية موحدة، وبلا زعامات تاريخية لها ثقلها كناصر والبيض، وبلا حوثيين كتيار سياسي غير معزول؛ خارطة كهذه كيف سيكون شكلها؟ ولمن ستكون اليد العليا فيها؟ ليس لغير “محسن” و “الإصلاح” وملحقاتهما، بالتأكيد.
من يجازف بالمؤتمر الشعبي؛ فإنه يجازف بمستقبل العملية السياسية والديمقراطية برمتها، وليس بمستقبل صالح.. (وكونوا على ثقة أنهم لا يبحثون عن التنكيل بصالح أو الخلاص منه، فهو بالنسبة لهم “مسمار جحا” داخل العملية السياسية، حتى إشعار آخر).
من حائط الكاتب على الفيس بوك

زر الذهاب إلى الأعلى